ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ - ﻋﻠﻮﻣﻬﺎ ﻭﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻬﺎ
ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ
ﺗﻮﺍﺭﻳﺦ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ
ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻭﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ ﻭﺑﻨﻴﺘﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻭﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺼﺎﺣﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ. ﺍﺧﺘﻠﻒ ﻣﺆﺭﺧﻮ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺣﻮﻝ ﺃﺻﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺭﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﻞ ﻣﺼﺮﻱ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺭﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﻞ ﻳﻮﻧﺎﻧﻲ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺇﻥّ ﺃﺻﻠﻬﺎ ﻋﺒﺮﻱّ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻛَّﺪ ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﺻﻠﻬﺎ ﻋﺮﺑﻲ ﺍﺷﺘﻖ ﻣﻦ ﻛَﻤﻰ ﻳَﻜْﻤﻲ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﺧﻔﻰ ﺃﻭ ﺳﺘﺮ؛ ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻜﺘﻨﻒ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﻏﻤﻮﺽ ﻭﺳﺮّﻳﺔ. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﻠﺪﻛﻲ؛ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺘﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻴﻦ ﺑﺎﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ "ﻛﺘﻤﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺗﺤﺮﻳﻢ ﺇﺫﺍﻋﺘﻪ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻖ… ﻷﻥ ﻓﻲ ﺇﺫﺍﻋﺘﻪ ﺧﺮﺍﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ".
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻳﻄﻠﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻟﺪﻳﻬﻢ، ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ، ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﺘﺪﺑﻴﺮ، ﻭ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺤﺠﺮ، ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ. ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺭﺃﻱ ﻳﻘﻮﻝ : ﺇﻥ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻘﻠﺔ ﺗﻠﺖ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ، ﻭﺣﺪﺙ ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺄﺛﺮﺕ ﻓﻲ ﻃﻮﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺒﻜﺮ ﺑﺎﻟﺨﻴﻤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﺮﻳﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺫﺍﺕ ﻗﻴﻤﺔ. ﺍﻧﻈﺮ: ﺍﻟﺨﻴﻤﻴﺎﺀ. ﺣﻴﺚ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ ﻭﺍﻟﺴﺮﻳﺎﻥ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺮﺿﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻼﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ، ﺇﺫ ﺇﻥ ﺍﻟﺨﻴﻤﻴﺎﺀ ﺗﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻴﻞ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﻭﺍﻟﺨﻮﺍﺭﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ، ﻭﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺴﺤﺮ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻤّﺎﻩ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻌﻰ ﻣﻨﺬ ﻗﺪﻳﻢ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺇﻟﻰ ﺑﻠﻮﻍ ﻫﺪﻓﻴﻦ ﺑﻌﻴﺪﻳﻦ: ﺃﻭﻻً ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﺍﻟﺨﺴﻴﺴﺔ ﻛﺎﻟﺤﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﻨﺤﺎﺱ ﻭﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﻭﺍﻟﻘﺼﺪﻳﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺎﺩﻥ ﻧﻔﻴﺴﺔ ﻛﺎﻟﺬﻫﺐ ﻭﺍﻟﻔﻀﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺣﺠﺮ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ. ﻭﺛﺎﻧﻴًﺎ: ﺗﺤﻀﻴﺮ ﺇﻛﺴﻴﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻋﻼﺝ ﻳﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﺎﻋﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﻳﺼﻴﺒﻪ ﻣﻦ ﺁﻓﺎﺕ ﻭﺃﻣﺮﺍﺽ، ﻭﻳﻄﻴﻞ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﺑﺪﺃﺕ ﻣﻊ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺴﺤﺮ ﻭﺍﻟﻮﻫﻤﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺒﻬﻤﺔ ﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﻨﺠﻴﻢ؛ ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﺬﻫﺐ، ﻭﺍﻟﻔﻀﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﻘﻤﺮ، ﻭﺍﻟﺰﺋﺒﻖ ﻋﻄﺎﺭﺩ، ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﺮﻳﺦ، ﻭﺍﻟﻘﺼﺪﻳﺮ ﻫﺮﻣﻴﺰ، ﻭﺍﻟﻨﺤﺎﺱ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ. ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺇﺑﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻤﺎﺅﻫﺎ ﻳﺪَّﻋﻮﻥ ﺃﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺴﺤﺮ.
ﻭﺻﻠﺖ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﺍﻧﻴﻴﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺳﺘﻘﺪﻡ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ (ﺕ 85ﻫـ، 704ﻡ) ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻗﺒﺎﻁ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺛﻴﻦ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﺮﻳﺎﻧﻮﺱ، ﻭﺷﻤﻌﻮﻥ، ﻭﺇﺻﻄﻔﺎﻥ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻱ، ﻭﻃﻠﺐ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻧﻘﻞ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. ﻭﺗﻌﻠﻢ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﺑﻬﺪﻑ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﺍﻟﺨﺴﻴﺴﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻫﺐ، ﻭﺑﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﻭﺍﺷﺘﻐﻞ ﺑﻬﺎ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺮﺏ. ﻭﻗﺪ ﺗﺨﻠﻞ ﻣﺎ ﻛُﺘﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺿﺎﻟﻴﻞ ﻭﺍﻟﻄﻼﺳﻢ ﻭﺍﻷﻭﻫﺎﻡ، ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺪﻓﻬﺎ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﻭﻫﻤﻴﺔ ﻻ ﺗﻤﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑﺼﻠﺔ؛ ﺇﺫ ﺇﻥ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻭﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻋﻠﻤﻴﺔ.
ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. ﻓﻲ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻧﺘﻘﻠﺖ ﺍﻟﺨﻴﻤﻴﺎﺀ ﺑﻤﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﻃﺊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻓﺎﻋﺘﻘﺪ ﺍﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻮﻥ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﺜﻞ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻥ ﻭﺍﻟﺴﺮﻳﺎﻥ ﺍﻟﻨﺴﻄﻮﺭﻳﻴﻦ ﺃﻥ ﺃﺻﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﻭﺍﺣﺪ: ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻨّﺎﺭ، ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺏ. ﻭﺃﻥ ﻃﺒﺎﺋﻌﻬﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﻮﻳﻞ ﻭﻳﻌﻮﺩ ﺳﺒﺐ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻧﺴﺐ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻟﻬﺎ، ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻣﺜﻼً ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺪ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﻨﺴﺐ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﺇﻟﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮﻩ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ. ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺃﺣﺪ ﻟﺬﻟﻚ، ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻬﻢ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺳﻌﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳﻜﺘﺸﻔﻮﻥ ﻣﻮﺍﺩ ﺟﺪﻳﺪﺓ ـ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ـ ﻭﻳﺘﻮﺻﻠﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻋﺪﻳﺪﺓ؛ ﻣﻤﺎ ﻣﻜﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﻤﻴﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ.
ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻣﺎ ﻟﺪﻯ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺨﻴﻤﻴﺎﺀ، ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻌﻤﻘﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﻭﺗﻮﺻﻠﻮﺍ ﺭﻭﻳﺪًﺍ ﺭﻭﻳﺪًﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ، ﻧﺠﺪ ﺃﻧﻪ ﺑﺤﻠﻮﻝ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ ﻭﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻗﺎﻡ ﻋﺎﻟَﻢٌ ﻛﻴﻤﻴﺎﺋﻲ ﻋﺮﺑﻲ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﻟﻠﺘﻔﺼﻴﻼﺕ ﻭﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺎﺕ ﻋﻤﺎ ﺳﺒﻘﻪ ﻧﺼًﺎ ﻭﺭﻭﺣﺎً. ﻓﺒﺈﺩﺧﺎﻝ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺍﺕ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﺃﺿﻔﻰ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﺻﺎﻟﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ؛ ﻟﺬﺍ ﻳﻮﺟﺪ ﺷﺒﻪ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﻟﺪﻯ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻫﻢ ﻣﺆﺳﺴﻮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ. ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻇﻬﺮﻭﺍ ﺩﺭﺍﺳﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴّﺮﻳّﺔ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﻭﺍﻟﻄﻼﺳﻢ، ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺑﻬﺎ ﺍﻵﺧﺮﻭﻥ، ﻭﺍﺧﺘﻄﻮﺍ ﻟﻬﺎ ﻣﻨﻬﺠًﺎ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺋﻴًﺎ ﺳﻠﻴﻤًﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤّﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻃﻠﻘﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻬﻢ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺪّﺭﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ.
ﻭﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻛﺒﺎﺕ ﻭﺃﺣﻤﺎﺽ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻭﺍﺳﺘﻔﺎﺩﻭﺍ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﻠﻲ ﺍﻟﻄﺐ ﻭﺍﻟﺼﻴﺪﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺨﺼﻮﺹ. ﻛﻤﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﻮﺍ ﺃﻥ ﻳﻮﻇِّﻔﻮﺍ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ. ﻭﺗﻮﺻﻞ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﻭﻭﺻﻔﻮﻫﺎ ﻭﺻﻔًﺎ ﺩﻗﻴﻘًﺎ ﻭﺑﻴﻨﻮﺍ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﻣﻦ ﺇﺟﺮﺍﺋﻬﺎ.
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺠﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺗﻌﺒﻴﺮﻫﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻭﺍﺿﺤﻴﻦ؛ ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻧﻬﺞ ﺍﻟﻜﻨﺪﻱ (ﺕ 260ﻫـ، 873ﻡ) ﻓﻲ ﺗﺤﻀﻴﺮ ﺍﻟﻔﻮﻻﺫ ﺑﻤﺰﺝ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﻄﺎﻭﻉ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺼﻠﺐ ﻭﺻﻬﺮﻫﻤﺎ ﻟﻠﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻳﺪ ﻳﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﺔ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ 0,5% ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﺑﻮﻥ ﻭﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ 1,5%، ﻭﻫﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳُﺤﻀَّﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻮﻻﺫ ﺣﺘﻰ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ.
ﻛﻤﺎ ﻋﻤﺪ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﻮﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﻣﺮﺍﻋﻴﻦ ﺗﺸﺎﺑﻪ ﺍﻟﺨﻮﺍﺹ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﺼﻨﻔﻮﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ ﻭﻧﺒﺎﺗﻴﺔ ﻭﺣﻴﻮﺍﻧﻴﺔ ﻭﻣﻮﻟَّﺪﺓ (ﻣﺸﺘﻘﺔ). ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻒ ﺗﺼﻨﻴﻔﻬﻢ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪ، ﺑﻞ ﺗﻌﺪﺍﻩ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﻓﺮﻋﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﺻﻐﺮ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ. ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ، ﻗﺴﻤﻮﺍ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﺍﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﺖ ﻓﺌﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻫﻲ 1ـ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ؛ ﻛﺎﻟﺰﺋﺒﻖ، 2ـ ﺍﻷﺟﺴﺎﺩ (ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻔﻠﺰﻳﺔ)؛ ﻛﺎﻟﺬﻫﺐ، 3ـ ﺍﻷﺣﺠﺎﺭ؛ ﻛﺎﻟﺘﻮﺗﻴﺎﺀ، 4 ـ ﺍﻟﺰﺍﺝ؛ ﻛﺎﻟﺰﺍﺝ ﺍﻷﺣﻤﺮ ﻭﺍﻟﺸﺐ، 5ـ ﺍﻟﺒﻮﺭﻕ؛ ﻛﺎﻟﻨﻄﺮﻭﻥ، 6 ـ ﺍﻟﻤﻠﺢ؛ ﻛﺎﻟﻤﻠﺢ ﺍﻟﻤﺮ (ﻛﺒﺮﻳﺘﺎﺕ ﺍﻟﻤﻐﻨﺴﻴﻮﻡ). ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﻣﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻟﻢ ﺗﻌﺮﻑ ﻋﻨﺪ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﻮﺍﺓ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻭﻣﻨﻬﺎ: ﺍﻟﻘﺮﻋﺔ، ﻭﺍﻹﺑﺮﻳﻖ، ﻭﺍﻟﻘﺎﺭﻭﺭﺓ، ﻭﺍﻟﻤﺪﻕ (ﺍﻟﻬﻮﻥ)، ﻭﺍﻟﻤﻠﻌﻘﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻘﺮﺍﺽ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺟﻞ، ﻭﺍﻟﻤﺒﺮﺩ، ﻭﺍﻟﺤﻮﺽ، ﻭﺍﻟﻤﻜﺴﺮ، ﻭﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﺘﻘﻄﻴﺮ، ﻭﻛﺮﺓ ﺍﻟﺴﺤﻖ، ﻭﺍﻷﻧﺒﻮﺏ، ﻭﺍﻟﻘﺮﻥ، ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺭﺓ، ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ، ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﺐ، ﻭﺍﻟﻜﻮﺭ، ﻭﺍﻟﻘﺎﻟﺐ، ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﺎﻝ، ﻭﺍﻟﻤﻮﻗﺪ ، ﻭﺍﻟﻔﺮﻥ، ﻭﺍﻟﻤﺎﺷﻖ (ﺍﻟﻤﺎﺳﻚ)، ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ، ﻭﺍﻟﻤﻨﺠﻞ، ﻭﺍﻟﺮﺍﻭﻭﻕ، ﻭﺁﻟﺔ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﺲ، ﻭﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ، ﻭﺍﻟﻘﻄﺎﺭﺓ، ﻭﺍﻟﺼَّﺪَﻓﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻨﻔﺦ، ﻭﺍﻟﺒﻮﻃﻘﺔ، ﻭﺍﻟﺒﺮﻧﻴﺔ (ﺇﻧﺎﺀ ﻓﺨﺎﺭﻱ)، ﻭﺍﻟﻘﺪﺡ، ﻭﺍﻹﻧﺒﻴﻖ، ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﻭﺣﺪﻩ ﻓﻲ ﺳﺮ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ 20 ﺟﻬﺎﺯًﺍ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺠﺎﺭﺑﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺰﺟﺎﺟﻲ ﻭﺍﻟﻤﻌﺪﻧﻲ ﻭﺍﻟﻔﺨﺎﺭﻱ.